جاءت به الشريعة، ولا يجادلون ولا يقولون لم؟ ولما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "توضؤوا من لحوم الإبل ولا توضؤوا من لحوم الغنم" (?) هل قال الصحابة "لِمَ"؟ بل قالوا سمعنا وأطعنا، ما جادلوا، وكذلك في بقية الأوامر، لكن الإنسان من حيث هو إنسان أكثر شيء عنده الجدل. إذاً إذا مر بك مثل هذا في القرآن الكريم (الْأِنْسَانُ) فلا تحمله على الكافر إلا إذا كان السياق يُعَيِّنُ ذلك، فإذا كان السياق يراد به ذلك، صار هذا عاماً يراد به الخاص، لكن إذا لم يكن في السياق ما يعين ذلك فاجعله للعموم، اجعله إنساناً بوصف الإنسانية، والإنسانية إذا غلب عليها الإيمان اضمحل مقتضاها المخالف للفطرة.
قوله: (وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) هذا وقع في قول الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب وزوجته فاطمة رضي الله عنهما حين جاء إليهما ذات ليلة ووجدهما نائمين فقال: "ألا تصليان"، قال علي: "إنَّ أنفُسَنا بيد الله ولو شاء لأيقظنا"، فانصرف الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يضرب على فخذه ويقول: (وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) (?) ولا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أن أنفسهما بيد الله، والرسول عليه الصلاة والسلام قال في الفريضة: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا