ورجعوا {فلا عدوان إلا على الظالمين} ؛ وهم قد انتفى عنهم الظلم؛ وحينئذ لا يكون عليهم عدوان.
وقوله هنا: {فلا عدوان} : قيل: إن معناه فلا سبيل، كما في قوله تعالى في قصة موسى: {أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل} [القصص: 28] أي لا سبيل عليّ؛ وقيل: {فلا عدوان} أي لا مقاتلة؛ لأنه تعالى قال: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه} [البقرة: 194] ؛ وهي من باب مقابلة الشيء بمثله لفظاً؛ لأنه سببه؛ وليس معناه: أن فعلكم هذا عدوان؛ لكن لما صار سببه العدوان صح أن يعبر عنه بلفظه.
وقوله تعالى: {فلا عدوان إلا على الظالمين} : خبر «لا» يجوز أن يكون الجار والمجرور في قوله تعالى: {على الظالمين} ؛ ويجوز أن يكون خبر «لا» محذوفاً؛ والتقدير: فلا عدوان حاصل ــــ أو كائن ــــ إلا على الظالمين.
الفوائد:
1 ــــ من فوائد الآية: أن الأمر بقتالهم مقيد بغايتين؛ غاية عدمية: {حتى لا تكون فتنة} أي حتى لا توجد فتنة؛ و «الفتنة» هي الشرك، والصد عن سبيل الله؛ والغاية الثانية إيجابية: {ويكون الدين لله} بمعنى: أن يكون الدين غالباً ظاهراً لا يعلو إلا الإسلام فقط؛ وما دونه فهو دين معلو عليه يؤخذ على أصحابه الجزية عن يد وهم صاغرون.
2 ــــ ومنها: أنه إذا زالت الفتنة، وقيام أهلها ضد الدعوة الإسلامية ــــ وذلك ببذل الجزية ــــ فإنهم لا يقاتلون.
3 ــــ ومنها: أنهم إذا انتهوا ــــ إما عن الشرك: بالإسلام؛