قوله تعالى: {والفتنة أشد من القتل} ؛ «الفتنة» هي صدّ الناس عن دينهم، كما قال تعالى: {إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم} [البروج: 10] ؛ فصد الناس عن دينهم فتنة أشد من قتلهم؛ لأن قتلهم غاية ما فيه أن نقطعهم من ملذات الدنيا؛ لكن الفتنة تقطعهم من الدنيا، والآخرة، كما قال تعالى: {وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة} [الحج: 11] .
قوله تعالى: {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام} أي في مكة؛ لأن {المسجد الحرام} هو المسجد نفسه؛ وما «عنده» فهو البلد ــــ أي لا تقاتلوهم في مكة {حتى يقاتلوكم فيه} ــــ؛ و «في» هنا الظاهر أنها للظرفية.
قوله تعالى: {فإن قاتلوكم فاقتلوهم} أي إن قاتلوكم عند المسجد الحرام فاقتلوهم؛ وتأمل كيف قال تعالى: {فاقتلوهم} ؛ لأن مقاتلتهم إياكم عند المسجد الحرام توجب قتلهم على كل حال.
قوله تعالى: {كذلك جزاء الكافرين} أي مثلَ هذا الجزاء - وهو قتل من قاتل عند المسجد الحرام - جزاء الكافرين؛ أي عقوبتهم التي يكافَؤون بها.
وقوله تعالى: {ولا تقاتلوهم ... } ؛ {حتى يقاتلوكم ... } ؛ {فإن قاتلوكم} ؛ {فاقتلوهم} : الجمل هنا الأربع كلها بصيغة المفاعلة إلا واحدة ــــ وهي الأخيرة ــــ؛ وهناك قراءة أخرى؛ وهي: {ولا تقتلوهم} ؛ {حتى يقتلوكم} ؛ {فإن قتلوكم} ؛ {فاقتلوهم} ؛ وعلى هذا فتكون الأربع كلها بغير صيغة المفاعلة.