4ــــ ومنها: وجوب الشكر؛ لقوله تعالى: {واشكروا لي} ؛ و «الشكر» يكون بالقلب، وباللسان، وبالجوارح؛ ولا يكون إلا في مقابلة نعمة؛ فسببه أخص من سبب «الحمد» ؛ ومتعلَّقه أعم من متعلق «الحمد» ؛ فيختلفان إذاً من حيث السبب؛ ويختلفان من حيث المتعلق؛ سبب «الحمد» كمال المحمود، وإنعام المحمود؛ فإذا كان سببه إنعام المحمود كان «الحمد» من «الشكر» ؛ أما «الشكر» فسببه واحد؛ وهو نعمة المشكور؛ وأما متعلق «الحمد» فيكون باللسان فقط؛ وأما متعلق «الشكر» فثلاثة: يكون باللسان، والقلب، والجوارح؛ وعليه قول الشاعر:

(أفادتكم النعماء مني ثلاثة - يدي ولساني والضمير المحجبا) فـ «يدي» هذا الشكر بالجوارح؛ و «لساني» هذا الشكر باللسان ــــ يعني القول؛ و «الضمير المحجبا» يعني القلب.

والشكر بالقلب أن يعتقد الإنسان بقلبه أن هذه النعمة من الله عزّ وجلّ وحده؛ فيحب الله سبحانه وتعالى لهذا الإنعام؛ ولهذا ورد في الحديث: «أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه» (?) ؛ فإن الإنسان إذا شعر بأن هذه النعمة من الله أحب الله سبحانه وتعالى؛ لأن النفوس مجبولة على محبة من يحسن إليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015