قال: «لن آكل الطعام؛ فإن أراد الله لي الحياة فسوف أحيا ــــ ولو لم آكل؛ وإن كان يريد أن أموت فسوف أموت ــــ ولو ملأت بطني إلى حلقومي» ؛ نقول: لكن الأكل سبب للحياة؛ فإنكار أن يكون الدعاء سبباً إنكار أمور بديهيات؛ لأننا نعلم علم اليقين فيما أُخبرنا به، وفيما شاهدناه، وفيما جرى علينا أن الله سبحانه وتعالى يقدِّر الأشياء بالدعاء؛ فالله تعالى قص علينا في القرآن قصصاً كثيرة فيها إجابة للدعاء؛ كذلك يجري للإنسان نفسه أشياء يدعو الله بها فيشاهدها رأي العين أنها جاءت نتيجة لدعائه؛ فإذاً الشرع، والواقع كلاهما يبطل دعوى من أنكر تأثير الدعاء.
4ــــ ومن فوائد الآية: رأفة إبراهيم صلى الله عليه وسلم بمن يؤم هذا البيت؛ لأن جعل البيت آمناً يتضمن الإرفاق بمن أمّه من الناس.
5ــــ ومنها: رأفة إبراهيم صلى الله عليه وسلم أيضاً، حيث سأل الله أن يرزق أهله من الثمرات؛ لقوله تعالى: {وارزق أهله من الثمرات} .
6ــــ ومنها: أدب إبراهيم صلى الله عليه وسلم، حيث لم يعمم في هذا الدعاء؛ فقال: {وارزق أهله من الثمرات من آمن} خوفاً من أن يقول الله له: «من آمن فأرزقه» ، كما قال تعالى حين سأله إبراهيم أن يجعل من ذريته أئمة: {لا ينال عهدي الظالمين} [البقرة: 124] ؛ فتأدب في طلب الرزق: أن يكون للمؤمنين فقط من أهل هذا البلد؛ لكن المسألة صارت على عكس الأولى: الأولى خصص الله دعاءه؛ وهذا بالعكس: عمم.
7ــــ ومنها: أن رزق الله شامل للمؤمن، والكافر؛ لقوله تعالى: {ومن كفر} ؛ فالرزق عام شامل للمؤمن، والكافر؛ بل للإنسان، والحيوان، كما قال تعالى: {وما من دابة في الأرض إلا