أكل وهو صائم جاهلاً فإن صومه صحيح سواء كان جاهلاً بالحكم، أو بالوقت؛ لأن أسماء بنت أبي بكر قالت: «أفطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يومَ غيم، ثم طلعت الشمس» (?) ؛

ولم يؤمروا بالقضاء؛ ولكن لو فعل المحرم عالماً بتحريمه جاهلاً بما يترتب عليه لم يسقط عنه الإثم، ولا ما يترتب على فعله؛ مثل أن يجامع الصائم في نهار رمضان وهو يجب عليه الصوم عالماً بالتحريم - لكن لا يعلم أن عليه الكفارة: فإنه آثم، وتجب عليه الكفارة؛ لما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله، هلكت قال: ما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم» (?) ؛ فألزمه النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة (2) ؛ لأنه كان عالماً بالحكم بدليل قوله: «هلكت» .

فإن قال قائل: «قد ذكرتم أن المأمور لا يسقط بالجهل والنسيان» ، فما الفائدة من عذره الجهل؟

فالجواب: أن الفائدة عدم المؤاخذة؛ لأنه لو فعل المأمور على وجه محرم يعلم به لكان آثماً؛ لأنه كالمستهزئ بالله عز وجل وآياته، حيث يعلم أن هذا محرم، فيتقرب به إلى الله.

11 - ومن فوائد الآية: أن فعل الإنسان واقع باختياره؛ لقوله تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} ؛ فيكون فيها رد على الجبرية الذين يقولون: «إنه لا اختيار للعبد فيما فعل» ؛ وبيان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015