تنفقون إنفاقاً ينفعكم إلا ما ابتغيتم به وجه الله؛ فأما ما ابتغي به سوى الله فلا ينفع صاحبه؛ بل هو خسارة عليه.
وقوله تعالى: {إلا ابتغاء} أي إلا طلب؛ و {وجه الله} : المراد به الوجه الحقيقي؛ لأن من دخل الجنة نظر إلى وجه الله.
قوله تعالى: {وما تنفقوا من خير يوف إليكم} ؛ {ما} هذه أيضاً شرطية بدليل جزم الجواب: {يوف} ؛ فإنه مجزوم بحذف حرف العلة؛ وهو الألف؛ يعني: أيَّ خير تنفقونه من الأعيان، والمنافع قليلاً كان أو كثيراً يوف إليكم؛ أي: تعطَونه وافياً من غير نقص؛ بل الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
قوله تعالى: {وأنتم لا تظلمون} ، أي: لا تنقصون شيئاً منه.
الفوائد:
1 - من فوائد الآية: أن هداية الخلق لا تلزم الرسل؛ ونعنى بذلك هداية التوفيق؛ أما هداية الدلالة فهي لازمة عليهم؛ لقوله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} [المائدة: 67] .
2 - ومنها: أن الإنسان إذا بلغ شريعة الله برئت ذمته؛ لقوله تعالى: {ليس عليك هداهم} ؛ ولو كانت ذمته لا تبرأ لكان ملزماً بأن يهتدوا.
3 - ومنها: إثبات أن جميع الأمور دقيقها، وجليلها بيد الله؛ لقوله تعالى: {ولكن الله يهدي من يشاء} .
4 - ومنها: الرد على القدرية؛ لقوله تعالى: {ولكن الله يهدي من يشاء} ؛ لأنهم يقولون: «إن العبد مستقل بعمله، ولا تعلق لمشيئة الله سبحانه وتعالى فيه» .