المَشُورَة، يعني: فبماذا تشيرونَ عليّ؟ وسُمي المُشيرُ آمِرًا لِأَنَّهُ مُوجِّه؛ فإنَّ مَنِ استشاره لا شك أَنَّهُ يطلبُ توجيهه، فتكون مشورتُهُ بالأمرِ أمرًا به.
والإشارة هنا لمصلحتِهِ؛ لِأَنَّهُ إذا استشارهم فَإِنَّهُ يريد أن يَخْتَبِرَهُمْ ماذا يكون عندهم، ويريد أيضًا أن لهم وزنًا لأجلِ أن يَتَشَجَّعوا عَلَى هَذَا الأمر.
فائدة: قال تعالى: {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ} [القصص: 32]، وقال: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} [النمل: 12]؛ لِأَنَّهُ - والله أعلم - أن الجيبَ فِي مقدِّمة الجسم، ويمكن لو أَنَّهُ ألقاها خَلْفَ ظَهْرِهِ ثم أَخرجها أن يقول قائل: إنه عمِل فيها عملًا لم نشاهدْه، لكن هَذَا أمامهم وظهرَ.
وكنت أتصوَّر بالأوَّل أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فِي العادةِ أنّ اليدَ إذا أُدخلتْ وتغيبتْ عن الشَّمْسِ والهواء ابيضتْ، فالظَّاهر أن الجِلْد كلَّه المسْتُور من الْإِنْسَان أبيض، والبارز للشَّمْس والهواء أسمر، ولكن أنْ يتغيَّر بهذه السُّرعةِ فهذا خلافُ العادةِ، ففي العادةِ لا يتغيَّر إلا بعدَ مدَّة طويلةٍ، وهذه السُّرعة تدلُّ عَلَى أَنَّهَا ليستْ أمرًا عاديًّا، بل هُوَ أمرٌ خلافُ العادةِ، وهذه من آياتِ اللهِ.
* * *