ولا يكون ذلك إلَّا بعلمٍ، فتفسير المُفسِّر له تفسير بلازِمِهِ؛ لِأَنَّ مِن لازِمِ الحكمِ العلم، وليس من لازمِ العلمِ الحُكْم؛ لِأَنَّهُ قد يَعْلَم ولكنْ لا يَحْكُمُ.
وقوله: {فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ} هَذَا بعدَ أنْ أَوحى اللهُ إليه وآتاه منَ العلمِ والحُكم جعله أيضًا مُرْسَلًا وكُلِّفَ بالرِّسالَةِ.
وفي قوله: {مِنَ الْمُرْسَلِينَ} ولم يقلْ: وجَعَلَني رسولًا، كالتنبيه لفِرْعَوْن أَنَّهُ لَيْسَ بِبِدْعٍ مِنَ الرسُل، وأنه لم يأتِ بأمرٍ جديدٍ، بل إن أمامَه رُسُلًا، وقد ذكر الله تعالى فِي سُورَةِ غَافِرٍ أن الرَّجُل المؤمنَ يقولُ لهم: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ} [غافر: 34]، فكأنَّه يقول له: {وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ} الَّذين عندَكَ خَبَرُهُمْ، فلستُ بِبِدْعٍ مِنَ الرُّسُلِ.
* * *