* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} [الشعراء: 14].
* * *
ذكر الرِّسالَة حيث قَالَ: {فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ} ثمّ بَيَّن مانعًا آخرَ غيرَ التَّكذيبِ، فقال: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ}، قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [بقتلِ القِبْطِيّ منهم {فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ}، هَذَا خوفٌ آخرُ ناتجٌ عن معاملتِه معهم، والأوَّل خوفٌ يَتَعَلَّق بالرِّسالَةِ، فهذا خوفٌ متعلِّق بالمعاملةِ معهم، ولهذا فِي الأول قَالَ: {أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ}، ما قَالَ: أن يقتلونِ، ولا كَانَ يتصوَّر أن يُقتل إذا جاء بالرِّسالَة، ولهذا قال فِي الثَّاني: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} بأيِّ شيْءٍ؟ مثلما قال المُفسِّر: [بقتل القِبطيّ منهم]، وقصتُه مشهورةٌ فِي سُورَة القَصَص.
حيث إنه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ رجلًا قويًّا وشديدًا، فخرج باكرًا فوجدَ فِي المدينة رجلينِ يَقتتلانِ؛ أحدهما من شِيعته من بني إِسْرَائِيلَ، والثَّاني من عدوّه: الأقباط، فاستنجدَ بِهِ الإِسْرَائِيليُّ، فوكَزَ مُوسَى القبطيَّ حَتَّى ماتَ، وفي اليوم الثَّاني خرج فوجد صاحبَه الإِسْرَائِيليّ معَ رجلٍ آخرَ، وقال له مُوسَى: {إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ} [القصص: 18]، وأراد أن يَبْطِشَ بالعدوِّ، فظنَّ الإِسْرَائِيليُّ أَنَّهُ يريدُ أنْ يَبْطِشَ به؛ لِأَنَّهُ وَبَّخَهُ وقال: {إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ}، فلمَّا تَهَيّأَ للبَطْشِ ظنَّ أَنَّهُ سَيَبْطِش به، فقال الإِسْرَائِيليُّ: {أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ} [القَصَص: 18 - 19]، - اللهُ يَكْفِيكَ شرَّ مَن تُحْسِن