قال المُفَسِّر: [{ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ} في إهلاكهم بعد إنذارهم]، وهذا صَحِيح، ويَحتمِل: {وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ} أي: مُهْلِكِينَ بدون إنذارٍ، والمَعْنى صَحِيح على هذا الوجهِ وعلى الوجهِ الَّذي ذكرَهُ المُفَسِّر؛ فاللهُ تَعالَى إذا أَهلكهم بعدَ إِنذارهم وقد عَصَوْا، فهو لم يَظْلِمْهُمْ، وكذلك لا يمكِن أن يُهْلِكَ مَن لا يُنْذَر؛ لأنَّ ذلك ظُلْمٌ.
الْفَائِدَةُ الْأُولَى: أنَّ الشرائعَ لا تُلْزَم إلَّا بعدَ العِلْم، وأنَّه ما دامَ الإِنْسان غيرَ عالمٍ بالشرعِ؛ فإِنَّه لا يُكَلَّف به، ولهذا شواهِدُ:
منها: قِصَّة المُسِيءِ في صَلاتِه؛ فإن الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - لم يُلْزِمْه بقَضاءِ ما فاتَه (?)؛ لأنه ما علِمَ.
ومنها: المرأةُ الَّتي كَانَتْ تُسْتَحَاضُ فلا تُصَلِّي، فما أمرها النَّبيّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بالقَضاء (?).
ومنها: حديث عَدِيِّ بنِ حاتمٍ، حيثُ أَكَلَ بعدَ طُلوعِ الفجرِ (?).