قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} أي: مَطَر هؤُلاءِ القومِ، وإنَّما قال: {الْمُنْذَرِينَ}؛ لِبيانِ أنَّها قد قامتْ عليهم الحُجَّة ولم يُنْذَرُوا بالعذابِ إلَّا بعدَ أنْ أعذرَ مِنهم.
قَوْلُهُ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} في هذه الآيةِ وغيرِها منَ الآيَاتِ ما يدلُّ على أنَّ قومَ لُوطٍ أُهلِكوا بهذه الحِجارةِ: بالتدميرِ بالحجارةِ وليسَ بالقلبِ كما هو مشهورٌ عندَ أهلِ العِلْمِ وكثيرٍ من المُفَسِّرينَ، أنَّ بلادهم حُملتْ إلى عَنانِ السَّماء ثم قُلِبت، فهذا ليسَ في القُرآنِ ما يدلُّ عليه، والّذي في القُرآنِ قَوْلُهُ: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} [الحجر: 74]، وجَعْلُ العالي سافلًا يكونُ بغيرِ القلبِ؛ فإنَّ هذه الحجارةَ إذا نزَلتْ على المنازلِ وهَدَّمَتْهَا صار العالي منَ المنازلِ سَافلًا، ثم إنَّها إذا قُلبتْ - مثلًا - وصارَ النَّاسُ في باطنِ الأَرْضِ، فليسَ للحِجارة حِينَئذٍ قيمة.
والمهمُّ أنَّه ليس في الأمرِ عنِ النَّبيّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ما يدلُّ على أنّ أرضَهم حُملتْ فقُلبتْ، وما دام أنَّه ليسَ في الأمرِ ما يدلُّ على ذلكَ، فالأَولى أن يُقال: إنّهم دُمِّروا بهذه الحجارةِ.
الْفَائِدَةُ الْأُولَى: الدُّعاءُ إلى توحيدِ اللهِ والأمر بِتَقْوَاهُ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: الإخلاصُ في الدَّعوة إلى اللهِ تعالى، وأنَّه لا يَنْبَغي للدَّاعي أن يأخذَ على دَعْوَتِهِ أَجْرًا.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ مِن بني آدمَ مَن تُقلَب طَبِيعَتُه وتُصْرَف حتى يَسْتَحْسِنَ الخبيثَ؛ لأنَّ هؤُلاءِ هذا حالهُم.