* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (129) وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} [الشعراء: 129 - 130].
* * *
قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ} لِلْمَاءِ تَحْت الْأَرْض {لَعَلَّكُمْ} كَأنَّكَم {تَخْلُدُونَ} فِيهَا لَا تَمُوتُونَ، {وَإِذَا بَطَشْتُمْ} بِضَرْبٍ أَوْ قَتْل {بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ} مِنْ غَيْر رَأْفَةٍ].
ثم قالَ اللهُ تَعالَى في سِيَاق ما قالَه هود لقومه: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ}: جمع مَصْنَع، وهو مَحَلّ الماء، كما قال المُفَسِّر، فالمصانعُ عِبارة عن الخزَّانات الَّتي تحت الأَرْض يَتَّخِذُونها لعلَّهم يَخلُدُونَ، يَعْنِي: كَأنَّهم خالدون في هذه الدُّنيا غير مَيِّتِينَ.
وقَوْلهُ: {لَعَلَّكُمْ} ذكر المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ أنه أتى بها للتَّشْبِيه: [كَأنَّكم]، ولكن ما رَأَيْنَا أحدًا ذكرَ أنَّها تأتي للتَّشبيه، بل إنَّما قال: إنها تأتي للإشفاقِ والتعليل والترجِّي، هذا هو المعروف من معاني (لَعَلَّ).
وأيُّ هذه المعاني الثلاثة هو أَولى بها؟
الأَولى أنها للتَّرَجِّي، يَعْنِي: يَتَرَجَّوْنَ أنْ يَخْلُدُوا في ذلكَ، وقد تُفيدُ التوقُّعَ، أيْ أنَّهم يَتَوَقَّعُونَ الخُلُودَ، لكنَّها للترجِّي أقربُ. يَعْنِي أنَّهم يتَّخِذون هذه المساكنَ لأجلِ أنْ يَبْقُوا فيها، كَأَنَّما يَخْلُدُونَ فيها.