* * *
* قال اللهُ عزَّ وَجَلَّ: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105)} [الشعراء: 105].
* * *
قال المُفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} بِتَكْذِيبِهِمْ لَهُ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي المجِيءِ بِالتَّوْحِيدِ، أَوْ لِأَنَّهُ لِطُولِ لُبْثه فِيهِمْ كَأَنَّهُ رُسُل، وَتَأْنِيث (قَوْم) بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ وَتَذْكِيرُه بِاعْتِبَارِ لَفْظِهِ].
قَوْلهُ: {كَذَّبَتْ قَوْمُ} ذَكَرَ المُفَسِّر جَوابًا على تأنيثِ الفعلِ معَ أنَّ الفاعلَ مذكَّر.
قَوْلُهُ: {نُوحٍ} نوحٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هو أوَّل رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ إلى أهلِ الأَرْضِ، يُؤْخَذُ من قوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النِّساء: 163]، أما آدمُ فهو أوَّل نَبِيٍّ نُبِّئَ؛ فإِنَّه كَان نبيًّا بلا شَكّ، ونوح كَان أوَّل رَسُولٍ، وإنَّما كَان آدمُ نبيًّا للضَّرورَةِ؛ لأنه لا بُدَّ أنْ يَتَعَبَّد لله، ولا عِبادَة للهِ إلَّا بما شَرَعَ، ولا شَرْعَ إلا بوحيٍ، لكنَّه لم يرسَلْ؛ لعدمِ دعاءِ الحاجَةِ إلى ذلكَ؛ إذِ النَّاسُ كَانوا مُتَّفِقِينَ، فلمَّا اختلفوا بعثَ اللهُ الرُّسُلَ: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ}، في قِراءَة ابن عباس: "كَانَ النّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فاخْتَلَفُوا" (?)، وهذه الجُملة لا داعيَ لها؛ لأنها مأخوذةٌ مِن قَوْلِهِ: {وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} [البقرة: 213].