* * *
* قالَ اللهُ عَزَّ وَجلَّ: {وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} [الشعراء: 101].
* * *
قوله: {وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} معطوف على: {شَافِعِينَ} باعتبارِ اللفظِ، ولو عَطَفْتَ الآيةَ هنا باعتبارِ المَحَلّ لكانتْ: (وَلَا صَدِيقٌ)؛ لأن: (شَافِعِينَ) فِي مَحَلّ مبتدأٍ.
قال: {وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} الصَّديق: مَن صَدَقَكَ الوُدَّ، يعني: الصَّاحب الصَّادق فِي وُدِّه يُسَمَّى صَديقًا، وَهُوَ أخصُّ مِنَ الصَّاحِبِ، فكلُّ صديقٍ صاحبٌ، وليسَ كلُّ صاحبٍ صَديقًا، وأمَّا الحَمِيم فَإِنَّهُ القَريب، أو أَنَّهُ البالِغُ فِي الصَّداقةِ، بحيث يَحْنُو عليكَ كما يحنو القريبُ.
والمُفسِّر يقولُ: [{وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ} يُهِمُّهُ أَمْرُنا]؛ لِأَنَّ الصَّديقَ الحميمَ الحانيَ العاطفَ أوِ القريبَ يُهِمُّهُ أمرُ صَاحِبِهِ وصَدِيقِهِ، وهل هَذِهِ الصِّفَةُ - حميم - صِفَة كاشفةٌ أمْ صفة مقيِّدة؟
هي صفة كاشفةٌ، إذا قلنا: ما من صديقٍ إلا وَهُوَ حميمٌ، فهي صفةٌ كاشفةٌ، وإذا قلنا: قد يكون صَديقًا لكنه لَيْسَ بِحَمِيمٍ، فهذه تكونُ صفة مقيِّدة، بشرطِ أنْ نجعلَ الحميمَ هنا بمَعْنى القريبِ؛ لِأَنَّهُ قد يكونُ صَديقًا وليسَ قريبًا، فإذا جعلنا الحَمِيم بمَعْنى الحانِي الَّذِي يكونُ كالقَريبِ بِحُنُوِّهِ وعَطْفِهِ، فهي صفةٌ كاشفةٌ، لكن إذا قلنا: حَميم قَريب، صارَتْ مقيِّدةً؛ لِأَنَّهُ ما كلُّ صَدِيقٍ يكون قَريبًا.