ومنْ أحبَّ شخصًا أطاعَهُ واتَّبَعَهُ.
قوله: {هُمْ وَالْغَاوُونَ} المُراد بـ (الغاوون) هنا الغاوونَ الأوَّلونَ الَّذين سَبَقوا، ولكن كَرَّرَ ذلك الوصفَ، ما قَالَ: فكُبْكِبُوا فيها هم وأولئك، كَرَّرَهُ لإظهارِ ذمِّ الغوايةِ، ولكن قوله: {وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} هَذَا هل هُوَ من بابِ عطفِ المتغايرينِ وأن الغاويَ لَيْسَ من جنودِ إبليسَ، أم أَنَّهُ من بابِ عطفِ المترادفينِ؟
نقول: الأَصْلُ فِي العطفِ: التغايُرُ، والظَّاهرُ أنَّ الغاويَ هُوَ الفاسِدُ فِي نفسِهِ، وأنَّ جنودَ إبليسَ عَلَى اسمِهِم جنود يَنْصُرُونَه وَيدْعُونَ لِمَا يَدْعُو إليه، يقول المُفسِّر: [أتباعه ومَن أطاعَهُ]، يقيّد بمَن أطاعه فِي إغواءِ النَّاسِ ودَعوتهم إِلَى الضَّلالةِ، فيصيرُ هنا من بابِ عطفِ الخاصِّ عَلَى العامِّ؛ لِأَنَّ كلَّ مَن دعا النَّاسَ إِلَى الباطلِ فهو غاوٍ ولا عَكْس.
الْفَائِدَةُ الْأُولَى: فِي قولِهِ: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ} دَليلٌ عَلَى إغاظةِ هَؤُلَاءِ العابدينَ للأصنامِ بإهانةِ أصنامِهِم، ويُسْتَثْنَى من ذلكَ مَن عُبد وَهُوَ صالحٌ، فَإِنَّهُ لا يُكَبْكَبُ؛ لقولِ اللهِ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأَنْبياء: 101 - 102].
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: وفي هَذَا دَليلٌ عَلَى أنَّ مَنِ اتبعَ الشيطانَ لم يَكُنْ مِن أتباعِهِ فحَسْب، بل من جنودِهِ المناصرينَ له؛ لقوله: {وَجُنُودُ إِبْلِيسَ}؛ وذلك لِأَنَّ المُتَّبعَ للشخصِ مقوٍّ له، وناصرٌ له، وناشرٌ لما يريدُ، فيكون كالجنديِّ المسخَّرِ له.
* * *