فإذا قيل: ما فائدةُ إدخالِ الأصنامِ النارَ وتعذيبها معَ أَنَّهَا لا تَفْهَم؟
قلنا: إهانةً لعابديها؛ لِأَنَّ هَذَا فيه من الإهانةِ وبيان أَنَّهَا لا تنفعُ ما هُوَ ظاهر.
الْفَائِدَةُ الْأُولَى والثَّانيةُ: فِي ذلكَ دَليلٌ عَلَى إِثْباتِ الجنَّةِ؛ لقولِهِ: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ}، وأنَّ أهلها هم المتَّقُونَ، وهم الَّذين فَعَلوا ما يَقِيهم من عذابِ اللهِ بفعلِ الأوامرِ واجتنابِ النواهِي.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: وفي ذلك دَليلٌ عَلَى إِثْباتِ النارِ؛ لقولِهِ: {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ}.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: فرّق اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بينَ التعبيرينِ فِي إزلافِ الجنةِ وإظهارِ النارِ، وَهُوَ دَليلٌ عَلَى أن الرحمةَ سَبَقَتِ الغَضَبَ؛ لِأَنَّ الجنَّةَ تُدنَى للمُؤمِنينَ، أمّا أولئك فتَظْهَر لهم فيرونها من بعيدٍ: {إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا} [الفرقان: 12]؛ لأجلِ أن يكونوا فِي خَوْفٍ وذُعرٍ من قبْلِ أنْ يَصِلوا إليها.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: وفي ذلك دَليلٌ عَلَى أنَّ أصحاب الجَحِيمِ: كلّ غاوٍ، والغِوَايةُ ضدُّ الضَّلالِ، والغوايةُ: ضدُّ الرُّشْد، فالمُرادُ بالغاوينَ هم الَّذينَ جَانَبُوا الصراطَ المستقيمَ، جانبوه لا ضَلُّوا عنه، يعني: عَلِمُوه ولكن جَانَبُوه، وَالْعِيَاذُ بِاللهِ.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: وفي ذلك دَليلٌ عَلَى التعذيبِ البدنيِّ والقلبيِّ لأصحابِ النارِ؛ البَدَنِيّ: {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ}، والقلبيّ: {وَقِيلَ لَهُمْ}.
* * *