ما دامت موجودةً أبدًا؛ ولكنَّ الكلامَ في أبَدِيَّتِها هي، فهل هي مُؤَبَّدة أو مُؤَمَّدةٌ؟
والصَّواب: أنَّها مُؤَبَّدَةٌ، وقد ذكر الله تعالى ذلك في ثلاثِ آياتٍ من القرآن في سورة النِّساءِ، وفي سورة الأحزابِ، وفي سورة الجِنِّ.
ففي سورة النساءِ قولُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء: 168 - 169].
وفي سورة الأحزاب قَوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الأحزاب: 23].
وفي سورة الجِنِّ قولُهُ تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: 23].
فَإِذَا قَالَ قَائِلٌ: إنَّ التَّأبيد هنا لخُلُودِهِم؟
قُلْنَا: لا تأبيدَ لخلودٍ إلا والمكانُ خالِدٌ فيه؛ فإذا تأبَّدَ الخلودُ فإنَّما مكانُ الخُلْدِ يكون مُؤبَّدًا بالضَّرورةِ، ولهذا الصَّوابُ المقطوعُ به: أنَّ النَّار أَبَدِيَّةٌ.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يَظْلِمُ أحدًا؛ لقوله تعالى: {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ الجَزاء من جِنْس العَمَل، فكما أنَّهُم أَفْنَوْا حياتَهُم في مَعْصِيَة الله فإنَّ حياتَهُم الآخِرَة أيضًا ستكونُ في عذابِ الله.
* * *