أو في للظَّرْفِيَّة ولا تقتضي الإستيعابَ؟
الجوابُ: أنَّ (في) للظَّرْفِيَّة ولا تَسْتَلْزِمُ الإستيعابَ؛ يعني: ليس بلازِمٍ أنَّ الأَمْرَ يَنْزِلُ مثلًا عند صلاة الفجر ولا يَعْرُج إلا في الغروب؛ فقد يَنْزِلُ ويَعْرُج في لحظَةٍ حسب ما أراد الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنَّ (في) لا تقتضي الإستيعابَ، فإذا قُلْتَ: (زُرْتُكَ في يَوْمِ الأَحَدِ) فلا يقتضي أن تكون الزِّيارَةُ مُسْتَوْعِبَةً لجميع اليوم، ولكن في وَقْتٍ من هذا اليوم، فإذن {فِي يَوْمٍ} أي: في وقْتٍ من هذا اليَوْمِ، وهذا اليَوْمُ كان مِقْدارُهُ ألْفَ سنة ممَّا تعدُّون.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: في هذه الآية دليلٌ على كمالِ سُلْطان الله عَزَّ وَجَلَّ؛ حيث جعل تدبيرَ الأمورِ إليه، {يُدَبِّرُ} هو؛ ففيه كمال السُّلْطان، وأنَّ الكمال له وَحْدَه.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: رَدٌّ على القَدَرِّية، الذين يدَّعُون أنَّ أَمْرَ الإنسان مستَقِلٌّ به؛ لأننا نقول: إنَّ فِعْلَ الإنسان من الأمور، والذي يُدَبِّرُه هو الله عَزَّ وَجَلَّ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وفيه دليلٌ لقَوْلِ الجَبْرِيَّةِ!
فالجوابُ أن نقول: لكنْ هناك آياتٌ تدلُّ على أنَّ الإنسانَ فاعلٌ بالإختيارِ؛ لقوله: {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [التكوير: 28 - 29] وفي قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [آل عمران: 152] وقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا} [المائدة: 2] وما أشبه ذلك؛ فكلُّها تدلُّ على أن للإنسان إرادةً واختيارًا.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إثبات عُلُوِّ الله عَزَّ وَجَلَّ؛ من قوله تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ