من فوائد الآية الكريمة:

الفائدة الأولى

الْفَائِدَةُ الأُولَى: أنَّ من كان على هذا الوَصْفِ فإنَّه لا يكون أحدٌ أظْلَمَ منه؛ لقوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ}.

وها هنا مسألةٌ، وهي أن مِثْل هذه العبارة جاءت في غَيْرِ هؤلاءِ، فقال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}، وقال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}، وفي السُّنَّة: "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي" (?) فكيف نَجْمَعُ بين هذه النُّصوصِ؟

الجوابُ: ذكرنا فيما سبق أنَّ الجمْعَ بأحَدِ وَجْهَيْنِ:

الوجه الأول: أن نقولَ: إن قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ} لا يفيدُ أنَّ الظالمَ لا يُوجَدُ مُشارِكٌ أو مساوٍ له في هذا الظُّلْمِ، وإمَّا نقول: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ} اشتركا في الأَظْلَمِيَّة، وأنَّ هذا أعلى ما يكون في الظُّلْمِ.

والوجه الثاني: أن نقول: إنَّ الأَظْلَمَ بالنِّسْبَةِ لما تحته مِن نَوْعِهِ، وهنا: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا} يعني هذا أظْلَمُ ما يكون مِنَ المذكورينَ، بخلاف مَن ذُكِّرَ ثم أَعْرَض عن البَعْضِ، أو ما أشبه ذلك، فيصير هذا الأَظْلَمَ بالنِّسْبة لما تحته من نَوْعِه؛ كقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ} يعني لا أَحَدَ أظلَمُ في مَنْعِ شيء من الأشياء مِمَّن منع مساجِدَ الله، وعلى هذا فَقِسْ، فصار الجوابُ بأحَدِ وجهين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015