هؤُلَاءِ نَقُولُ: إنَّهُم قَالُوا فِي القُرَآنِ برَأْيِهِمْ، أَي: حَوَّلوا القُرَآنَ إِلَى رَأْيِهِمْ، وأمَّا مَنْ فسَّر القُرآنَ بمُقتَضى الحقَائِقِ الشَّرعيَّةِ واللُّغَويَّةِ إذَا لَمْ تَكُنْ حقيقَةً شرعيَّةً فإِنَّه لَمْ يَقُلْ فِي القُرآنِ برَأْيهِ.
وقَدْ سبَقَتْ هَذِهِ القَاعدَةُ أوَّلَ مَا بدَأْنا فِي عِلْمِ التَّفسِير، فلْتكُنْ مَرْجِعًا لكُمْ، يُفسَّرُ القُرانُ أوَّلًا بالقُرآنِ، ثُمَّ بالسُّنَّة، ثُمَّ أَقْوالِ الصحَابَةِ، ثُمَّ كِبَارِ التَّابعِينَ الَّذِين اعْتَنَوْا بالتَّفسِير، كمُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ رَحَمَهُ اللهُ الَّذِي أخَذَ التَّفسِير عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -.
وأُقدِّم في بِدَاية تَفْسِير سُورة الزُّخْرُف بمُقدِّماتٍ:
1 - القُرآنُ الكَريمُ، مَا عقِيدَةُ أهْلِ السُّنَّة فِيهِ؟
الجَوابُ: عَقيدِةُ أهْلِ السُّنَّة في القُرآنِ الكَريمِ أنَّه كَلامُ اللهِ عَزَ وَجَلَّ حقيقَةً، تكَلَّم به حَرْفيًّا، وأرَادَ معنَاهُ حسبَ اللُّغةِ العربيَّةِ، كَمَا قَال اللهُ عَزَ وَجَلَّ: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} وهَذَا القُرآنُ يَنزِلُ شَيئًا فشَيئًا، كَمَا قَال تعَالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} [الإسراء: 106] أَي: شَيئًا فشَيئًا حسبَما يَحْتَاجُ النَّاسُ إلَيهِ في وَقْتِ نُزُولهِ.
2 - أن القُرآنَ الكَرِيمَ نَزَلَ عَلَى وَجْهَينِ:
الوَجْهِ الأوَّل: مَا لَهُ سَبَبٌ.
والثَّانِي: مَا لَا سَبَبَ لَهُ.
فالأوَّلُ: مَا لَهُ سَبَبٌ؛ أَي: بسَبَبِ حَادِثَةٍ وَقَعَتْ فنزل فِيهَا.
ومِنَ الضَّوابطِ فِي هَذَا: أن كُلَّ آيَةٍ فيها {يَسْأَلُونَكَ} فإنَّهَا لسَبَبٍ، يَسأَلُونكَ عَنْ كَذَا، هَذَا سبَبٌ، فكُلَّما رَأَيتَ في القُرآنِ الكَرِيمِ آيَةً مُصدَّرةً بكَلِمَةِ {يَسْأَلُونَكَ}