* قَال اللهُ عَز وجلَّ: {فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (8)} [الزخرف: 8].
(أَهْلَكْنا) يَعْنِي بالمَوْتِ، {أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا}: {أَشَدَّ مِنْهُمْ} أَي: مِنْ كُفَّارِ قُريشٍ، {بَطْشًا} أَي: أقُوَّةً، {وَمَضَى} أَي: [سَبَقَ فِي آيَات] {مَثَلُ الْأَوَّلِينَ}، {فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا} يَعْنِي: قُوَّةً، كقَوْمِ هُودٍ، وقَوْمِ صَالِحٍ، ومَنْ أَشْبَهَهُم، أهَلَكَهُمُ اللهُ وهُمْ أشدُّ مِنْ هَؤُلاءِ الَّذِين كذَّبُوا محُمَّدًا - صلى الله عليه وَعلى آلِهِ وسلم - أشدُّ بَطْشًا، وأكْثَرُ أمْوَالًا وأوْلَادًا، ومَعَ ذَلِكَ مَا أَغْنَتْ عنْهُم شَيئًا.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: بيَانُ شدَّةِ صَبْرِ الرُّسلِ علَيهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ حَيثُ إنَّهُم يُستَهْزَأُ بِهِمْ، وهُمْ صَابِرُون حتَّى يَأتِيَ أمْرُ اللهِ، وإلَّا فمَنِ الَّذِي يُطِيقُ أَنْ يَدْعُوَ النَّاسَ وهُمْ يَستَهرئُون بِهِ، لَوْلَا أنْ يُثبِّتَ اللهُ عَز وجلَّ الإنسَانَ بالقَوْلِ الثَّابتِ، كَمَا قَال تعَالى لنَبيِّهِ - صلى الله عليه وَعلى آلِهِ وسلم -: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيهِمْ شَيئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ} [الإسراء: 74].
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: تحذِيرُ قُريشٍ مِنْ رَدِّ دَعوَةِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وَعلى آلِهِ وسلم -؛ لأَنَّ اللهَ تعَالى تَوعَّدَهم بذِكْرِ إهْلَاكِ مَنْ سَبَقَ، وكُلُّ إنسَانٍ لَهُ قَلْبٌ إِذَا ذُكِرَ لَهُ حَالُ الأُمَمِ