* قَال اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف: 44].
قَال المفسر -رَحِمَهُ الله-: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ} لشَرَفٌ {لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} بنزولِهِ بلُغَتِهم {وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} عَنِ القِيَامِ بحَقِّه].
{وَإِنَّهُ} أيِ: القُرآنَ الَّذِي أُوحِيَ إِلَى الرَّسُول -عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- {لَذِكْرٌ لَك} أَي: لشَرَفٌ عَلَى مَا فسَّره بِهِ المُفسِّرُ. أَي: أنَّكُم تَشرُفون به؛ لنُزُولِهِ بلُغَتكُم؛ ولكَونِهِ نَزَل عَلَى وَاحِدٍ مِنْكُمْ، فهُوَ شَرَفٌ.
هَذَا مَا ذَهَبَ إلَيهِ المفسِّر ولَا مَانِعَ مِنْهُ، لكِنَّ الصَّوابَ: أن المُرادَ بالذِّكْر هُنَا التَّذكِيرُ يَعْنِي: وإنَّ هَذَا الَّذِي أُوحِيَ إلَيكَ لتَذكِيرٌ لَكَ ولقَومِكَ.
فإِنْ قَال قَائِلٌ: يَرِدُ عَلَى هَذَا أنَّهُ تَذْكِيرٌ لِكُلِّ النَّاسِ.
فالجَوابُ: أن هَذَا كقَولِهِ تعَالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: 2] مَعَ أنَّهُ بُعِث لجَمِيعِ النَّاسِ.
وقَولُهُ: {وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} يَقُولُ -رَحِمَهُ الله-: [عَنِ القِيَامِ بحَقِّه] ومنْ حَقِّه العمَلُ بِهِ، ومِنْ حَقِّهِ إبلَاغُهُ للنَّاسِ، ولهذَا يُعتَبر العَرَبُ هُمُ الإشعَاعَ لعَامَّة النَّاس فِي نقْلِ الشَّريعَةِ الإسلَاميَّةِ، ليسَ فِي الجَزيرَةِ حِينَ نَزَلَ الوَحْيُ إلَّا عَرَبٌ، هؤُلَاءِ العرَبُ