سَاعَةٍ أَوْ سَاعَتَينِ رُبَّما تَأثَّرْتَ بِهِ ورُبَّما لَا تَتأثَّرُ، لَكِنْ إِذَا كَانَ مُقَارِنًا فإنَّهُ سيُؤثِّر؛ ولهذَا قَال: {فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}.
أَقُولُ هَذَا لتَحذَرُوا مِنَ الاستِمْرارِ مَع قُرَنَاء السُّوء؛ ولتَعلَمُوا أنَّكُم مَتَى علِمْتُمْ أنَّه قَرينُ سُوءٍ فإنَّه يَجِبُ علَيكُمُ البُعدُ عَنْهُ، لَا تَقُلْ: أخْشَى أَنْ يَتَأثَّرَ، أَخْشَى أَنْ يَقُولَ: لمَاذَا كَانَ الرَّجُل صَاحِبًا لِي ثُمَّ فَارَقَني؟ لَا يُهِمُّك هَذَا، الَّذِي يُهِمُّكُ هُوَ نفْسُك فأَنْقِذْها.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: العَمَى عَمَى القَلْبِ -والعِياذُ باللهِ- لمَّا تَعَامَى بعَينِهِ عَنْ ذِكْرِ الرَّحمنِ، وبقَلْبِه أيضًا؛ قُيِّض لَهُ هَذَا الشَّيطانُ الَّذِي يَصُدُّه عَنِ الهُدَى وهُوَ يَحسَبُ أنَّهُ مُهتَدٍ {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} ومَا أكثَرَ هَذَا! أهْلُ البِدَعِ الَّذِين أَصَرُّوا عَلَى بِدَعِهم، صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً، ألمْ يَكُونُوا قَدِ استَحْسَنُوها؟
فلِمَاذَا استَحْسَنُوها وهِيَ بِدْعةٌ مُضلِّلةٌ؛ لأَنَّ الشَّيطَانَ صدَّهُم عَنِ الحقِّ، أهْلُ الأفكَارِ الرَّديئَةِ، كالعَلمانيِّينَ، والشُّيوعيِّين، والبَعثِيِّين، ومَنْ أَشبَهَهُم، لمَاذَا استَمَرُّوا عَلَى ذَلِكَ؟ لأنَّ الشَّيطانَ رَكِبَ قُلُوبَهُم -والعِياذُ باللهِ- فجعَلَهُم يَظُنُّون أن هَذَا السَّيِّئَ حسَنٌ، وهَذَا أشدُّ مَا يَكُونُ مِنَ الفِتْنَةِ أَنْ يَرَى الإنسَانُ السَّيِّئَ حسَنًا فيَمْضِي فِيهِ.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أن بعضَ الظَّنِّ إِثْمٌ، وجْهُه أن هؤُلاءِ ظَنُّوا أنَّهُم عَلَى حَقٍّ فاستَمَرُّوا فِي البَاطِلِ.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أن هَذَا القَرينَ فِي الدُّنيا يَتَبرَّأ مِنْ صَاحبِهِ يومَ القِيامَةِ يَقُولُ: {يَاليتَ بَينِي وَبَينَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَينِ}.
الْفَائِدَةُ الثَّامِنةُ: أنَّه مَعَ تَمنِّيهِ هَذَا الَّذِي لَنْ يُدْرِكَ مِنْهُ شَيئًا، يُثنِي عَلَى قَرينِهِ هَذَا بالذَّمِّ والقَدْحِ فيَقُولُ: فبِئْسَ القَرينُ أنْتَ.