قَال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إلا قَال مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23].
يَعْنِي: مِثْلُ هَذَا الَّذِي قِيل لَكَ قِيلَ لمِنْ قَبلَكَ: {مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إلا قَال مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} والحِكْمَة مِنْ هَذَا تَسليَةُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ وَجْهٍ، وإنذَارُ هؤُلَاء المُكذِّبينَ لَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وأنَّه سيُصِيبُهم مَا أَصَابَ غَيرَهُم ممَّا أَصَرُّوا عَلَى تقْلِيدِ آبائِهِم البَاطِلَ.
قَال المفسِّر رَحَمَهُ اللهُ: [{وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إلا قَال مُتْرَفُوهَا} أي: مُنَعَّمُوها مِثْلَ قَوْلِ قَومِكَ: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} مِلَّةٍ {وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} مُتَّبِعُون].
الحِكمَةُ مِنْهُ هُوَ تَسلِيةُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وإنذَارُ هَؤُلاءِ المُكذِّبينَ أن جمِيعَ الأُمَم السَّابِقَةِ يَقُولُونَ لأقَوامِهِمْ: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} أَي: عَلَى مِلَّةٍ {وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ} أَي: مَا يَسيرُون عَلَيهِ مِنَ الدِّينِ {مُقْتَدُونَ} أَي: مُتَّبِعُون مُقلِّدونَ.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: تَسليَةُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بأنَّ هَذَا الَّذِي قِيلَ لَهُ قَدْ قِيلَ لمِنْ قبْلَهُ، كقَولِهِ تعَالى: {مَا يُقَالُ لَكَ إلا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} [فصلت: 43].