الغنى الحميد} ، من يتول فإن الله ليس بحاجة إليه فهو - عز وجل - غني بذاته عن جميع مخلوقاته، وهوالحميد، أي: المحمود على غناه، لأنه ليس كل غني يكون محموداً، فالغني البخيل غير محمود، لكن الله - عز وجل - غني حميد يحمد على غناه؛ لأن الله - عز وجل - واسع العطاء، كثير العطاء، وفي هذه الآية دليل على أن الإنسان الذي يتولى عن طاعة الله إنما يضر نفسه، ولا يضر الله شيئاً، فإن الله غني، وفي الحديث القدسي: «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئاً» (?) .

{لقد أرسلنا رسلنا بالبينات} هذه جملة مؤكدة باللام وقد، والقسم المقدر، والتقدير: والله لقد أرسلنا رسلنا بالبينات، ولعل قائلاً يقول: كيف يقسم الله - عز وجل -؟ وكيف يؤكد الله خبره بالقسم وهو الصادق بدون ذلك؟

والجواب أن يقال: القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين، واللسان العربي المبين يؤكد الأشياء الهامة، أو الأشياء المنكرة بأنواع المؤكدات حتى يطمئن المخاطب ولا يرتاب المرتاب، وهذا يذكر في القرآن كثيراً، والتوكيد هنا ليس منصباً على إرسال الرسل، لأن إرسال الرسل معلوم {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} لكنه منصب على قوله بالبينات أي أن الرسل جاءوا بالبينات، والبينات صفة لموصوف محذوف، والتقدير بالآيات البينات أي العلامات البينة الدالة على صدق رسالتهم وصحتها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015