- عز وجل - فهم في أعلى الجنان، وأعلى الجنان أقرب إلى الرحمن - عز وجل -، لأن الفردوس وهو أعلى درجات الجنة فوقه عرش الله - عز وجل -، {أولئك المقربون} ذكر منزلتهم قبل ذكر منزلهم، وكما يقال: الجار قبل الدار، وكما قالت امرأة فرعون: {رب ابن لى عندك} بدأت بالجوار {بيتاً في الجنة} وهنا قال: {أولئك المقربون} قبل أن يبدأ بذكر الثواب؛ لأن قربهم من الله - عز وجل - فوق كل شيء، جعلنا الله منهم {أولئك المقربون في جنات النعيم} أي في هذا المقر العظيم الذي فيه ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وأضاف الجنات إلى النعيم، لأن ساكنها منعم في بدنه، ومنعم في قلبه، كما قال - عز وجل - في سورة الإنسان: {إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرةً وسروراً} نضرة في الوجوه، وسروراً في القلوب، فهم في نعمتين: هما نعيم البدن، ونعيم القلب، {يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير} هذا من نعيم البدن أيضاً {ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون} هذا من نعيم البدن إلى غير ذلك مما ذكره الله - عز وجل - من النعيم في الجنة، ولو لم يكن فيها إلا أن الإنسان يخلد فيها لا يموت، ويصح فلا يسقم، ويشب يكون شابًّا دائماً فلا يهرم، وفوق ذلك كله النظر إلى وجه الله - عز وجل -، كما قال الله تعالى: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} يعني فوق الحسنى وفسر النبي صلى الله عليه وعلى آله