نكر} أي: منكر عظيم لشدة أهواله، فإنه لا شيء أنكر على النفوس من ذلك اليوم؛ لأنهم لم يشاهدوا له نظيراً {خشعاً أبصارهم} يعني أن أبصارهم خاشعة ذليلة، كما قال الله - عز وجل -: {ينظرون من طرف خفي} هم الآن مستكبرون رافعو رؤوسهم، يرون أن الناس تحتهم، وأنهم فوق
الناس، لكن سيأتي اليوم الذي يكونون بالعكس {خشعاً أبصرهم يخرجون من الأَجداث كأنهم جراد منتشر} ، الأجداث هي القبور، والجراد المنتشر هو المنبث في الأرض الذي لا يدري أين وجهه ليس له طريق قائمة، لا يعرف كيف ينتهي، ولكنهم منتشرون، وهذا من أدق التشبيهات، لأن الجراد المنتشر تجده يذهب يميناً ويساراً لا يدري أين يذهب، فهم سيخرجون من الأجداث على هذا الوجه، بينما هم في الدنيا لهم قائد، ولهم أمير، ولهم موجِّه يعرفون طريقهم، وإن كان طريقاً فاسداً {مهطعين إلى الداع} يعني أنهم مسرعون خاضعو الأعناق، كالرجل إذا أسرع وركض تجده يقدم رأسه يخضعه، فهم يخرجون من الأجداث مهطعين إلى الداعي، أي مسرعين خافضو رؤوسهم من الفزع والهول والشدة {يقول الكافرون هذا يوم عسر} وتأمل قوله: {يقول الكافرون} ولم يقل: يقول الناس، لأن هذا اليوم العسر لا شك أنه في حد ذاته عسر شديد عظيم ولكنه على الكافرين عسير، وعلى المؤمنين يسير، كما قال الله تبارك وتعالى: {وكان يوماً على الكافرين عسيراً} وقال تعالى: {على الكافرين غير يسير} وأما على المؤمنين فهو يسير، ولله الحمد جعلنا الله منهم.