وقال الله تعالى: {بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب} فهم يتخذون ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم عجباً، والمراد عجب الإنكار والاستبعاد، {وتضحكون} : يعني استهزاء بهذا الحديث الذي هو القرآن، وكذلك يضحكون بشرائع هذا الحديث، حيث كانوا يضحكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعباداته ويسخرون به، إذاً {تعجبون} إنكاراً {وتضحكون} استهزاء {ولا تبكون} ، أي: لا تبكون من هذا الحديث خشية وخوفاً وإنابة إلى الله - عز وجل - بل هم أقسى الناس قلوباً، - والعياذ بالله - أو من أقسى الناس قلوباً لا تلين قلوبهم ولا يبكون من خشية الله {وأنتم سامدون} أي: غافلون بما تمارسونه من اللغو والغناء وغير ذلك، لأن منهم من إذا سمعوا كلام الله - عز وجل - جعلوا يغنون، كما قال الله تعالى: {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرءان والغوا فيه لعلكم تغلبون} فسامدون قيل: المعنى مغنون، وقيل: المعنى غافلون، والصواب أن المراد غافلون عنه بالغناء وغيره مما تتلهون به، حتى لا تسمعوا كلام الله - عز وجل -،

وهذا نظير ما قاله المكذبون لأول رسول أرسل إلى بني آدم، حيث قال الله تبارك وتعالى عن قوم نوح: {وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذنهم} حتى لا يسمعوا {واستغشوا ثيابهم} أي: تغطوا بها حتى لا يروا ولا يبصروا {وأصروا واستكبروا استكباراً} فما كان في أول أمة كان في آخر أمة، {فاسجدوا لله واعبدوا} اسجدوا لله خضوعاً وذلاًّ، والمراد بالسجود هنا الصلوات كلها، وليس الركن الخاص الذي هو السجود، وليس أيضاً سجود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015