بدر انتصر فيها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه - رضي الله عنهم والحمد لله - وقتلوا من قريش سبعين رجلاً، وأسروا سبعين رجلاً، وجاءوا بهم إلى المدينة، وانقسموا إلى أقسام، منهم من أطلقه النبي عليه الصلاة والسلام، ومنّ عليه، ومنهم من فداه بمال، ومنهم من فداه بأسير ومنهم من فداه بتعليم أهل المدينة الكتابة، وجبير بن مطعم أتى إلى النبي عليه الصلاة والسلام يطلب فداء أسرى بدر لأنه من صميم قريش، والأسرى أيضاً من قريش، ويظهر لي - والله أعلم - أن جبيراً سمع قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كان المطعم بن عدي حيًّا فكلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له» (?) .
وذلك أن مطعم بن عدي لما رجع النبي عليه الصلاة والسلام من الطائف أجاره، وصار يمشي معه من حين دخل مكة إلى أن وصل إلى الكعبة، وأمر أبناءه وهم متقلدي السيوف أن يقف كل واحد على ركن من أركان الكعبة حتى لا يعتدي على الرسول أحد، وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: طف. واحتبوا بحمائل سيوفهم في المطاف فأقبل أبو سفيان إلى مطعم، فقال: أمجير أم تابع؟ قال: لا بل مجير. قال: إذاً لا تُخْفَر. فجلس معه حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم طوافه، فلما انصرف انصرفوا معه.
فهو أحسن إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فقال النبي عليه الصلاة والسلام وهو أوفى الناس عليه الصلاة والسلام بكرمه قال: «لو كان المطعم بن عدي حيًّا فكلمني في هؤلاء النتنى» أي: الأسرى، ووصفهم بأنهم نتنى؛ لأن