رأسَه الظلَّ. ومنه قول الآخر:
فَرِشْني بِخَيْرٍ لا أكُونَ وَمِدْحَتِي ... كناحِتِ يَوْمٍ صَخْرَةٌ بعَسِيلِ (?)
والعسيل: الريشة جُمع بها الطيب، وإنما معنى الكلام: كناحت صخرة يوما بعسيل، وكذلك قول الآخر:
رُبَّ ابْنِ عَمٍّ لِسُلَيْمَى مُشْمَعِلْ ... طَبَّاخِ ساعاتِ الكَرَى زَادَ الكَسِلْ (?)
وإنما معنى الكلام: طباخ زاد الكَسل ساعات الكَرَى.
فأما من قرأ ذلك (فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلُهُ) فقد بيَّنا وجه بُعْدِه من الصحة في كلام العرب في سورة الأنعام، عند قوله (وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ) ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
القول في تأويل قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) }
يقول تعالى ذكره: إن الله ذو انتقام (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) من مشركي قومك يا محمد من قريش، وسائر من كفر بالله وجحد نبوّتك ونبوّة رسله من قبلك. فيوم من صلة الانتقام.
واختلف في معنى قوله (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرْضُ غَيْرَ الأرْضِ) فقال بعضهم: معنى ذلك: يوم تبدّل الأرض التي عليها الناس اليوم في دار الدنيا غير هذه الأرض، فتصير أرضا بيضاء كالفضة.