وقوله: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ) يقول عز وجلّ: وعِظْهُم بما سلف من نُعْمَى عليهم في الأيام التي خلت= فاجتُزِئ بذكر "الأيام" من ذكر النعم التي عناها، لأنها أيام كانت معلومة عندهم، أنعم الله عليهم فيها نعمًا جليلةً، أنقذهم فيها من آل فرعون بعدَ ما كانوا فيما كانوا [فيه] من العذاب المُهِين، وغرَّق عدوَّهم فرعونَ وقومَه، وأوْرَثهم أرضهم وديارَهم وأموالَهم.
* * *
وكان بعض أهل العربية يقول: معناه: خوَّفهم بما نزل بعادٍ وثمودَ وأشباههم من العذاب، وبالعفو عن الآخرين: قال: وهو في المعنى كقولك: "خُذْهم بالشدة واللين".
* * *
وقال آخرون منهم: قد وجدنا لتسمية النّعم بالأيام شاهدًا في كلامهم. ثم استشهد لذلك بقول عمرو بن كلثوم:
وَأَيَّامِ لَنَا غُرٍّ طِوَالٍ ... عَصَيْنَا الْمَلْكَ فِيهَا أَنْ نَدِينَا (?)
وقال: فقد يكون إنما جَعَلها غُرًّا طِوالا لإنعامهم على الناس فيها. وقال: فهذا شاهدٌ لمن قال: (وذكرهم بأيام الله) بنعم الله. ثم قال: وقد يكون تَسْميتُها غُرًّا، لعلوّهم على المَلِكِ وامتناعهم منه، فأيامهم غرّ لهم، وطِوالٌ على أعدائهم. (?)
* * *