قال أبو جعفر: وأولى الأقوال التي ذكرت في ذلك بتأويل الآية وأشبهُها بالصّواب، القولُ الذي ذكرناه عن الحسن ومجاهد، وذلك أن الله تعالى ذكره توعَّد المشركين الذين سألوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم الآياتِ بالعقوبة، وتهدَّدهم بها، وقال لهم: (وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ الله لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ) ، يعلمهم بذلك أن لقضائه فيهم أجلا مُثْبَتًا في كتاب، هم مؤخَّرون إلى وقت مجيء ذلك الأجل. ثم قال لهم: فإذا جاء ذلك الأجل، يجيء الله بما شَاء ممن قد دَنا أجله وانقطع رزقه، أو حان هلاكه أو اتضاعه من رفعة أو هلاك مالٍ، فيقضي ذلك في خلقه، فذلك مَحْوُه، ويثبت ما شاء ممن بقي أجله ورزقه وأكله، (?) فيتركه على ما هو عليه فلا يمحوه.
وبهذا المعنى جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك ما:-
20502- حدثني محمد بن سهل بن عسكر قال: حدثنا ابن أبي مريم قال: حدثنا الليث بن سعد، عن زيادة بن محمد، عن محمد بن كعب القُرَظي، عن فَضالة بن عُبَيْد، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله يَفتح الذِّكر في ثلاث ساعات يَبْقَيْن من الليل، في الساعة أولى منهن ينظر في الكتاب الذي لا ينظُرُ فيه أحد غَيره، فيمحو ما يشاء ويثبتُ. ثم ذكر ما في الساعتين الأخريين. (?)