قال أبو جعفر: وعلى هذا القول يجب أن يكون معنى قوله: (من أمر الله) ، أنّ الحفظة من أمر الله، أو تحفظ بأمر الله= ويجب أن تكون"الهاء" التي في قوله: (يحفظونه) وُحِّدت وذُكِّرت وهي مراد بها الحسنات والسيئات، لأنها كناية عن ذكر"مَنْ" الذي هو مستخف بالليل وسارب بالنهار= وأن يكون"المستخفي بالليل" أقيم ذكره مقام الخبر عن سيئاته وحسناته، كما قيل: (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا) ، [سورة يوسف: 82] .
وكان عبد الرحمن بن زيد يقول في ذلك خلاف هذه الأقوال كلها:-
20250- حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (ومن هو مستخف بالليل وساربٌ بالنهار) قال: أتى عامر بن الطفيل، وأربد بن ربيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، (?) فقال عامر: ما تجعل لي إن أنا اتبعتك؟ قال: أنت فارس، أعطيك أعنة الخيل. قال: لا. قال:"فما تبغي؟ قال: لي الشرق ولك الغرب. قال: لا. قال: فلي الوَبَر ولك المَدَر. قال: لا. قال: لأملأنها عليك إذًا خيلا ورجالا. قال: يمنعك الله ذاك وابنا قيلة (?) = يريد الأوس والخزرج. قال: فخرجا، فقال عامر لأربد: إن كان الرجل لنا لممكنًا لو قتلناه ما انتطحت فيه عنزان، ولرضوا بأن نعقله لهم وأحبوا السلم وكرهوا الحرب إذا رأوا أمرًا قد وقع. فقال الآخر: إن شئت فتشاورا،