كأنها خُضِبت بالدماء، فصاحوا وضجُّوا وبكوا وعرفوا آية العذاب، فلما أمسوا صاحُوا بأجمعهم: "ألا قد مضى يومان من الأجل وحضركم العذاب "! فلما أصبحوا اليوم الثالث، فإذا وجوههم مسودّة كأنها طُليت بالقار، فصاحوا جميعا: "ألا قد حضركم العذاب"! فتكفَّنُوا وتحنَّطوا، وكان حنوطهم الصَّبر والمقر، (?) وكانت أكفانهم الأنطاع، (?) ثم ألقوا أنفسهم إلى الأرض، (?) فجعلوا يقلبون أبصارهم، فينظرون إلى السماء مرة وإلى الأرض مرة، فلا يدرون من حيث يأتيهم العذاب من فوقهم من السماء أو من تحت أرجلهم من الأرض، جَشَعًا وفَرَقًا. (?) فلما أصبحوا اليومَ الرابع أتتهم صيحةٌ من السماء فيها صوتُ كل صاعقة، وصوت كلّ شيء له صوتٌ في الأرض، فتقطعت قلوبهم في صدُورهم، فأصبحوا في دارهم جاثمين. (?)

18291- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: حُدِّثت أنَّه لما أخذتهم الصيحة، أهلك الله مَنْ بَين المشارق والمغارب منهم إلا رجلا واحدًا كان في حرم الله، منعه حرم الله من عذاب الله. قيل: ومن هو يا رسول الله؟ قال: أبو رِغال. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين أتى على قرية ثمود، لأصحابه: لا يدخلنَّ أحدٌ منكم القرية، ولا تشربوا من مائهم. وأراهم مُرْتقَى الفصيل حين ارتقَى في القارَة.

= قال ابن جريج، وأخبرني موسى بن عقبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين أتى على قرية ثمود قال: لا تدخلوا على هؤلاء المعذّبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، أنْ يُصيبكم ما أصابهم.

= قال ابن جريج، قال جابر بن عبد الله: إن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى على الحِجْر، حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد، فلا تسألوا رسُولكم الآيات، هؤلاء قوم صالح سألوا رسولهم الآية، فبعث لهم الناقة، فكانت تَرِدُ من هذا الفَجّ، وتصدر من هذا الفَجّ، فتشرب ماءَهم يوم ورودها. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015