القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ما ينبغي لهذا القرآن أن يفترى من دون الله، يقول: ما ينبغي له أن يتخرَّصه أحد من عند غير الله. (?) وذلك نظير قوله: (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُغَلَّ) [سورة آل عمران: 161] ، (?) بمعنى: ما ينبغي لنبي أن يغلَّه أصحابُه.
وإنما هذا خبرٌ من الله جل ثناؤه أن، هذا القرآن من عنده، أنزله إلى محمد عبده، وتكذيبٌ منه للمشركين الذين قالوا: "هو شعر وكهانة"، والذين قالوا: "إنما يتعلمه محمد من يحنّس الروميّ". (?)
يقول لهم جل ثناؤه: ما كان هذا القرآن ليختلقه أحدٌ من عند غير الله، لأن ذلك لا يقدر عليه أحدٌ من الخلق= (ولكن تصديق الذي بين يديه) ، أي: يقول تعالى ذكره: ولكنه من عند الله أنزله مصدِّقًا لما بين يديه، أي لما قبله من الكتب التي أنزلت على أنبياء الله، كالتوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله التي أنزلها على أنبيائه= (وتفصيل الكتاب) ، يقول: وتبيان الكتاب الذي كتبه الله على أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وفرائضه التي فرضها عليهم في