مقامهم لو أقاموا ولم ينفروا لم يكن سببًا لمنعهم من التفقه.
* * *
وبعدُ، فإنه قال جل ثناؤه: (ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم) ، عطفًا به على قوله: (ليتفقهوا في الدين) ، ولا شك أن الطائفة النافرة لم ينفروا إلا والإنذار قد تقدّم من الله إليها، وللإنذار وخوف الوعيد نَفرتْ، فما وجْهُ إنذار الطائفة المتخلفة الطائفةَ النافرةَ، وقد تساوتا في المعرفة بإنذار الله إياهما؟ ولو كانت إحداهما جائزٌ أن توصف بإنذار الأخرى، لكان أحقَّهما بأن يوصف به، الطائفة النافرة، لأنها قد عاينت من قدرة الله ونصرة المؤمنين على أهل الكفر به، ما لم تعاين المقيمة. ولكن ذلك إن شاء الله كما قلنا، من أنها تنذر من حَيِّها وقبيلتها من لم يؤمن بالله إذا رجعت إليه: أن ينزل به ما أنزل بمن عاينته ممن أظفر الله به المؤمنين من نُظَرائه من أهل الشرك.
* * *