قيل: إن معنى ذلك على غير ما ذهبتَ إليه، وإن معناه: وجاء المعتذِرون من الأعراب = ولكن "التاء" لما جاورت "الذال" أدغمت فيها، فصُيِّرتا ذالا مشدَّدة، لتقارب مخرج إحداهما من الأخرى، كما قيل: "يذَّكَّرون" في "يتذكرون"، و"يذكّر" في "يتذكر" وخرجت العين من "المعذّرين" إلى الفتح، لأن حركة التاء من "المعتذرين"، وهي الفتحة، نقلت إليها، فحركت بما كانت به محركة. والعرب قد توجِّه في معنى "الاعتذار"، إلى "الإعذار"، فيقول: "قد اعتذر فلان في كذا"، يعني: أعذر، (?) ومن ذلك قول لبيد:

إِلَى الحَوْلِ ثُمَّ اسْمُ السَّلامِ عَلَيْكُمَا ... ومَنْ يَبْكِ حَوْلا كَامِلا فَقَدِ اعتَذَرْ (?)

فقال: فقد اعتذر، بمعنى: فقد أعْذَر.

* * *

على أن أهل التأويل قد اختلفوا في صفة هؤلاء القوم الذين وصفهم الله بأنهم جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم "معذِّرين".

فقال بعضهم: كانوا كاذبين في اعتذارهم، فلم يعذرهم الله.

* ذكر من قال ذلك:

17074- حدثني أبو عبيدة عبد الوارث بن عبد الصمد قال، حدثني أبي، عن الحسين قال: كان قتادة يقرأ: (وجاء المعذرون من الأعراب) ، قال: اعتذروا بالكذب.

17075- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا يحيى بن زكريا، عن ابن جريج، عن مجاهد: (وجاء المعذرون من الأعراب) ، قال: نفر من بني غفار، جاءوا فاعتذروا، فلم يعذرهم الله.

* * *

= فقد أخبر من ذكرنا من هؤلاء: أن هؤلاء القوم إنما كانوا أهل اعتذار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015