القول في تأويل قوله: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره للمؤمنين الذين أمرهم بقتال هؤلاء المشركين، الذين نقضوا عهدهم الذي بينهم وبينه بقوله: (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم) ، الآية، حاضًّا على جهادهم: (أم حسبتم) ، أيها المؤمنون (?) = أن يترككم الله بغير محنة يمتحنكم بها، وبغير اختبار يختبركم به، فيعرف الصادقَ منكم في دينه من الكاذب فيه = (ولما يعلم الله الذين جاهدوا) ، يقول: أحسبتم أن تتركوا بغير اختبار يعرف به أهل ولايته المجاهدين منكم في سبيله، من المضيِّعين أمرَ الله في ذلك المفرِّطين (?) = (ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله) ، يقول: ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم، والذين لم يتخذوا من دون الله ولا من دون رسوله ولا من دون المؤمنين = (وليجة) .
* * *
= هو الشيء يدخل في آخر غيره، يقالُ منه: "ولج فلان في كذا يلجِه، فهو وليجة". (?)
* * *
وإنما عنى بها في هذا الموضع: البطانة من المشركين. نهى الله المؤمنين أن يتخذوا من عدوهم من المشركين أولياء، يفشون إليهم أسرارهم = (والله خبير بما تعملون) ، يقول: والله ذو خبرة بما تعملون، (?) من اتخاذكم من دون الله