8

وأما قوله: (إن الله يحب المتقين) ، فإن معناه: إن الله يحب من اتقى الله وراقبه في أداء فرائضه، والوفاء بعهده لمن عاهده، واجتناب معاصيه، وترك الغدر بعهوده لمن عاهده.

* * *

القول في تأويل قوله: {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) }

قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: كيف يكون لهؤلاء المشركين الذين نقضوا عهدهم أو لمن لا عهد له منهم منكم، أيها المؤمنون، عهد وذمة، وهم = (إن يظهروا عليكم) ، يغلبوكم = (لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة) .

* * *

واكتفى بـ "كيف" دليلا على معنى الكلام، لتقدم ما يراد من المعني بها قبلها. وكذلك تفعل العرب، إذا أعادت الحرف بعد مضيّ معناه، استجازوا حذف الفعل، كما قال الشاعر: (?)

وَخَبَّرْتُمَانِي أَنَّمَا الْمَوْتُ فِي الْقُرَى ... فَكَيْفَ وَهَذِي هَضْبَةٌ وَكَثِيبُ (?)

فحذف الفعل بعد "كيف"، لتقدم ما يراد بعدها قبلها. ومعنى الكلام: فكيف يكون الموت في القرى، وهذي هضبة وكثيب، لا ينجو فيهما منه أحد.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015