ذلك عهود بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قبائل من العرب خصائصَ إلى أجل مسمًّى، (?) فنزلت فيه وفيمن تخلف عنه من المنافقين في تبوك، وفي قول من قال منهم، فكشف الله فيها سرائر أقوام كانوا يستخفون بغير ما يظهرون، منهم من سُمِّي لنا، ومنهم من لم يُسَمَّ لنا، فقال: (براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين) ، أي: لأهل العهد العام من أهل الشرك من العرب = (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر) ، إلى قوله: (أن الله بريء من المشركين ورسوله) ، أي: بعد هذه الحجة. (?)
* * *
وقال آخرون: بل كان إمهالُ الله عز وجل بسياحة أربعة أشهر، مَنْ كان من المشركين بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد، فأما من لم يكن له من رسول الله عهد، فإنما كان أجله خمسين ليلة، وذلك عشرون من ذي الحجة والمحرم كله. قالوا: وإنما كان ذلك كذلك، لأن أجَل الذين لا عهد لهم كان إلى انسلاخ الأشهر الحرم، كما قال الله: (فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ، الآية [سورة التوبة: 5] . قالوا: والنداء ببراءة، كان يوم الحج الأكبر، وذلك يوم النحر في قول قوم، وفي قول آخرين يوم عرفة، وذلك خمسون يوما. قالوا: وأما تأجيل الأشهر الأربعة، فإنما كان لأهل العهد بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من يوم نزلت "براءة". قالوا: ونزلت في أول شوّال، فكان انقضاء مدة أجلهم، انسلاخ الأشهر الحرم. وقد كان بعض من يقول هذه المقالة يقول: ابتداء التأجيل كان للفريقين واحدًا = أعني الذي له العهد، والذي لا عهد له = غير أن أجل الذي كان له عهد كان أربعة أشهر، والذي لا عهد له انسلاخ الأشهر الحرم، وذلك انقضاء المحرم.
* ذكر من قال ذلك: