القول في تأويل قوله: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (وإما تخافن) ، يا محمد، من عدو لك بينك وبينه عهد وعقد، أن ينكث عهد. وينقض عقده، ويغدر بك =وذلك هو "الخيانة" والغدر (?) = (فانبذ إليهم على سواء) ، يقول: فناجزهم بالحرب، وأعلمهم قبل حربك إياهم أنك قد فسخت العهد بينك وبينهم، بما كان منهم من ظهور أمار الغدر والخيانة منهم، (?) حتى تصير أنتَ وهم على سواء في العلم بأنك لهم محارب، فيأخذوا للحرب آلتها، وتبرأ من الغدر = (إن الله لا يحب الخائنين) ، الغادرين بمن كان منه في أمان وعهد بينه وبينه أن يغدر به فيحاربه، قبل إعلامه إياه أنه له حرب، وأنه قد فاسخه العقد.
* * *
فإن قال قائل: وكيف يجوز نقضُ العهد بخوف الخيانة، و"الخوف" ظنٌّ = لا يقين؟ (?)
قيل: إن الأمر بخلاف ما إليه ذهبت، وإنما معناه: إذا ظهرت أمارُ الخيانة من عدوك، (?) وخفت وقوعهم بك، فألق إليهم مقاليد السَّلم وآذنهم بالحرب. (?) وذلك كالذي كان من بني قريظة إذ أجابوا أبا سفيان ومن معه من