إِذَا الْجَوْزَاءُ أرْدَفَتِ الثُّرَيَّا ظَنَنْتُ بِآلِ فَاطِمَةَ الظُّنُونَا (?)
قالوا: فقال الشاعر: "أردفت"، وإنما أراد "ردفت"، جاءت بعدها، لأن الجوزاء تجئ بعد الثريا.
وقالوا معناه إذا قرئ (مردَفين) ، أنه مفعول بهم، كأن معناه: بألف من الملائكة يُرْدِف الله بعضهم بعضًا. (?)
* * *
وقال آخرون: معنى ذلك، إذا كسرت الدال: أردفت الملائكة بعضها بعضًا= وإذا قرئ بفتحها: أردف الله المسلمين بهم.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندي، قراءة من قرأ: (بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) ، بكسر الدال، لإجماع أهل التأويل على ما ذكرت من تأويلهم، أن معناه: يتبع بعضهم بعضًا، ومتتابعين= ففي إجماعهم على ذلك من التأويل، الدليلُ الواضح على أن الصحيح من القراءة ما اخترنا في ذلك من كسر الدال، بمعنى: أردف بعض الملائكة بعضًا، ومسموع من العرب: "جئت مُرْدِفًا لفلان"، أي: جئت بعده.
وأما قول من قال: معنى ذلك إذا قرئ "مردَفين" بفتح الدال: أن الله أردفَ المسلمين بهم= فقولٌ لا معنى له، إذ الذكر الذي في "مردفين" من الملائكة دون المؤمنين. وإنما معنى الكلام: أن يمدكم بألف من الملائكة يُرْدَف بعضهم ببعض. ثم حذف ذكر الفاعل، وأخرج الخبر غير مسمَّى فاعلُه، فقيل: (مردَفين) ، بمعنى: مردَفٌ بعض الملائكة ببعض.
ولو كان الأمر على ما قاله من ذكرنا قوله، وجب أن يكون في "المردفين" ذكر المسلمين، لا ذكر الملائكة. وذلك خلاف ما دلّ عليه ظاهر القرآن.