عندي، وهم ضيفي نازلون عليّ! والله ما أدري كيف أصنع بهم؟ أستحي أن آمرهم بالخروج إلى ما بعثوا له، (?) فيظنوا أنه ضِيق مني بمقامهم عندي، وقد هلك مَنْ وراءهم من قومهم جَهْدًا وعَطَشا!! أو كما قال. فشكا ذلك من أمرهم إلى قينتيه الجرادتين، فقالتا: قل شعرًا نُغنِّيهم به، لا يدرون مَنْ قاله، لعل ذلك أن يحرِّكهم! فقال معاوية بن بكر، حين أشارتا عليه بذلك:

أَلا يَا قَيْلَ، ويْحَكَ! قُمْ فَهَيْنِمْ ... لَعَلَّ اللهَ يُصْبِحُنَا غَمَامَا (?) فَيَسْقِي أَرْضَ عَادٍ، إنَّ عَادًا ... قَدَ امْسَوا لا يُبِينُونَ الكَلامَا

مِنَ الْعَطَشِ الشَّدِيدِ، فَلَيْسَ نَرْجُو ... بِهِ الشَّيْخَ الكَبِيرَ وَلا الغُلامَا

وَقدْ كَانَتْ نِسَاؤُهُمُ بِخَيْرٍ ... فَقَدْ أَمْسَتْ نِسَاؤُهُمُ عَيَامَى (?) وَإنَّ الْوَحْشَ تَأتِيهِمْ جِهَارًا ... وَلا تَخْشَى لِعَادِيٍّ سِهَامَا

وَأنْتُمْ هَا هُنَا فِيمَا اشْتَهَيْتُمْ ... نَهَارَكُمُ وَلَيْلَكُمُ التَّمَامَا

فَقُبِّحَ وَفْدُكُمْ مِنْ وَفْدِ قَوْمٍ ... وَلا لُقُّوا التَّحِيَّةَ وَالسَّلامَا

فلما قال معاوية ذلك الشعر، غنتهم به الجرادتان. فلما سمع القوم ما غنَّتا به، قال بعضهم لبعض: يا قوم، إنما بعثكم قومُكم يتعوَّذون بكم من هذا البلاء الذي نزل بهم، (?) وقد أبطأتم عليهم! فادخلوا هذا الحرمَ واستسقوا لقومكم!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015