وكان بعض نحويي البصرة يقول: ذكَّر"قريب" وهو صفة لـ"الرحمة"، وذلك كقول العرب:"ريح خريق"، (?) و"ملحفَة جديد"، (?) و"شاة سديس". (?) قال: وإن شئت قلت: تفسير"الرحمة" هاهنا، المطر ونحوه، فلذلك ذكَّر، كما قال: (وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا) ، [سورة الأعراف: 87] ، فذكَّر، لأنه أراد الناس. وإن شئت جعلته كبعض ما يذكرون من المؤنث، كقول الشاعر: (?)
وَلا أَرْضَ أَبْقَلَ إِبْقَالَهَا (?)
* * *
وقد أنكر ذلك من قِيله بعضُ أهل العربية، ورأى أنه يلزمه إن جاز أن يذكِّر"قريبًا"، توجيهًا منه للرحمة إلى معنى المطر، أن يقول:"هند قام"، توجيهًا منه لـ"هند" وهي امرأة، إلى معنى:"إنسان"، ورأى أن ما شبَّه به قوله:"إن رحمة الله قريب من المحسنين"، بقوله:"وإن كان طائفة منكم آمنوا"، غير مُشْبِهِه. وذلك أن"الطائفة" فيما زعم مصدر، بمعنى"الطيف"، كما"الصيحة" و"الصياح"، بمعنًى، ولذلك قيل: (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) ، [سورة هود: 67] .
* * *