73

القول في تأويل قوله: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل، يا محمد، لهؤلاء العادلين بربهم الأنداد، الداعيك إلى عبادة الأوثان:"أمرنا لنسلم لرب العالمين، الذي خلق السماوات والأرض بالحق، لا من لا ينفع ولا يضر، ولا يسمع ولا يبصر".

* * *

واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"بالحق".

فقال بعضهم: معنى ذلك، وهو الذي خلق السماوات والأرض حقًّا وصوابًا، لا باطلا وخطأ، كما قال تعالى ذكره: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلا [سورة ص: 27] . قالوا: وأدخلت فيه"الباء" و"الألف واللام"، كما تفعل العرب في نظائر ذلك فتقول:"فلان يقول بالحق"، بمعنى: أنه يقول الحق. قالوا: ولا شيء في"قوله بالحق" غير إصابته الصواب فيه = لا أنّ"الحق" معنى غير"القول"، وإنما هو صفةٌ للقول، إذا كان بها القول، كان القائل موصوفًا بالقول بالحق، وبقول الحق. قالوا: فكذلك خلق السماوات والأرض، حكمة من حكم الله، فالله موصوف بالحكمة في خلقهما وخلق ما سواهما من سائر خلقه = لا أنّ ذلك حقٌّ سوى خَلْقِهما خَلَقَهما به. (?)

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015