أحدهما: تحذير عيسى عن قيل ذلك ونهيُه، كما يقول القائل لآخر:"أفعلت كذا وكذا"؟ مما يعلم المقولُ له ذلك أن القائل يستعظم فعل ما قال له:"أفعلته"، على وجه النهي عن فعله، والتهديد له فيه.

والآخر: إعلامه أنّ قومه الذين فارقهم قد خالفوا عهده، وبدّلوا دينهم بعده. فيكون بذلك جامعًا إعلامَه حالَهم بعده، وتحذيرًا له قيله. (?)

* * *

قال أبو جعفر: وأما تأويل الكلام، فإنه: أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين"، أي: معبودين تعبدونهما من دون الله. قال عيسى: تنزيهًا لك يا رب وتعظيمًا أن أفعل ذلك أو أتكلم به (?) = ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق"، يقول: ليس لي أن أقول ذلك، لأني عبد مخلوق، وأمي أمَةٌ لك، وكيف يكون للعبد والأمة ادّعاء ربوبية؟ = (?) "إن كنت قلته فقد علمته"، يقول: إنك لا يخفى عليك شيء، وأنت عالم أني لم أقل ذلك ولم آمُرهم به.

* * *

القول في تأويل قوله: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ (116) }

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره، مخبرًا عن نبيه عيسى صلى الله عليه وسلم: أنه يبرأ إليه مما قالت فيه وفي أمه الكفرةُ من النصارى، أن يكون دعاهم إليه أو أمرهم به، فقال:"سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015