يعني: أنها لا تقضي عنها شيئا لزمها لغيرها; لأن القضاء هنالك من الحسنات والسيئات على ما وصفنا. وكيف يقضي عن غيره ما لزمه من كان يسره أن يثبت له على ولده أو والده حق، فيؤخذ منه ولا يتجافى له عنه؟ . (?)
وقد زعم بعض نحويي البصرة أن معنى قوله: (لا تجزي نفس عن نفس شيئا) : لا تجزي منها أن تكون مكانها.
وهذا قول يشهد ظاهر القرآن على فساده. (?) وذلك أنه غير معقول في كلام العرب أن يقول القائل:"ما أغنيت عني شيئا"، بمعنى: ما أغنيت مني أن تكون مكاني، بل إذا أرادوا الخبر عن شيء أنه لا يجزي من شيء، قالوا:"لا يجزي هذا من هذا"، ولا يستجيزون أن يقولوا:"لا يجزي هذا من هذا شيئا".
فلو كان تأويل قوله: (لا تجزي نفس عن نفس شيئا) ما قاله من حكينا قوله لقال: (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس) كما يقال: لا تجزي نفس من نفس، ولم يقل:"لا تجزي نفس عن نفس شيئا". وفي صحة التنزيل بقوله:"لا تجزي نفس عن نفس شيئا" أوضح الدلالة على صحة ما قلنا وفساد قول من ذكرنا قوله في ذلك. (?)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى {وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ}
قال أبو جعفر: و"الشفاعة" مصدر من قول الرجل:"شفع لي فلان إلى فلان شفاعة (?) وهو طلبه إليه في قضاء حاجته. وإنما قيل للشفيع"شفيع وشافع" لأنه