عن حميد، عن بكر: أن رجلين أبصرا طبيًا وهما محرمان، فتراهنا، وخطرُ كل واحد منهما لمن سبق إليه. (?) فسبق إليه أحدهما، فرماه بعصاه فقتله. فلما قدما مكة، أتيا عمر يختصمان إليه، وعنده عبد الرحمن بن عوف، فذكرا ذلك له، فقال عمر: هذا قِمارٌ، ولا أجيزه! ثم نظر إلى عبد الرحمن، فقال: ما ترى! قال: شاة. فقال عمر: وأنا أرى ذلك. فلما قَفَّى الرجلان من عند عمر، قال أحدهما لصاحبه: ما درى عُمر ما يقول حتى سأل الرجل! فردّهما عمر فقال: إن الله تعالى ذكره لم يرضَ بعمر وحده، فقال:"يحكم به ذوا عدل منكم"، وأنا عمر، وهذا عبد الرحمن بن عوف.
* * *
وقال آخرون: بل ينظر العَدْلان إلى الصيد المقتول، فيقوّمانه قيمته دراهمَ، ثم يأمران القاتل أن يشتري بذلك من النعم هَدْيًا. فالحاكمان يحكمان، في قول هؤلاء، بالقيمة. وإنما يحتاج إليهما لتقويم الصيد قيمتَه في الموضع الذي أصابه فيه.
* * *
وقد ذكرنا عن إبراهيم النخعي فيما مضى قبل أنه كان يقول:"ما أصاب المحرم من شيء، حكم فيه قيمته"، (?) وهو قول جماعة من متفقِّهة الكوفيين.
* * *
وأما قوله:"هديًا" فإنه مُصَدَّر على الحال من"الهاء" التي في قوله:"يحكم به".
* * *
وقوله:"بالغ الكعبة" من نعت"الهدي" وصفته. وإنما جاز أن ينعت به، وهو مضاف إلى معرفة، (?) لأنه في معنى النكرة. وذلك أن معنى قوله:"بالغ