42

القول في تأويل قوله تعالى ذكره: {وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) }

قال أبو جعفر: وفي قوله:"وتكتموا الحق"، وجهان من التأويل:

أحدُهما: أن يكون الله جل ثناؤه نهاهم عن أن يكتموا الحق، كما نهاهم أن يلبسوا الحق بالباطل. فيكون تأويل ذلك حينئذ: ولا تلبسوا الحق بالباطل ولا تكتموا الحق. ويكون قوله:"وتكتموا" عند ذلك مجزومًا بما جُزِم به"تلبسوا"، عطفًا عليه.

والوجه الآخر منهما: أن يكون النهي من الله جل ثناؤه لهم عن أن يلبسوا الحق بالباطل، ويكون قوله:"وتكتموا الحق" خبرًا منه عنهم بكتمانهم الحق الذي يعلمونه، فيكون قوله:"وتكتموا" حينئذ منصوبًا لانصرافه عن معنى قوله:"ولا تلبسوا الحق بالباطل"، إذ كان قوله:"ولا تلبسوا" نهيًا، وقوله"وتكتموا الحق" خبرًا معطوفًا عليه، غيرَ جائز أن يعاد عليه ما عمل في قوله:"تلبسوا" من الحرف الجازم. وذلك هو المعنى الذي يسميه النحويون صَرْفًا (?) . ونظيرُ ذلك في المعنى والإعراب قول الشاعر:

لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ ... عَارٌ عَلَيْكَ إَِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015